سورة المزمل - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المزمل)


        


{إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا (16)}
الخطاب لأهل مكة {شاهدا عَلَيْكُمْ} يشهد عليكم يوم القيامة بكفركم وتكذيبكم.
فإن قلت: لم نكر الرسول ثم عرف؟ قلت: لأنه أراد: أرسلنا إلى فرعون بعض الرسل، فلما أعاده، وهو معهود بالذكر أدخل لام التعريف إشارة إلى المذكور بعينه {وَبِيلاً} ثقيلاً غليظاً، من قولهم: كلأ وبيل وخم لا يستمرأ لثقله. والوبيل: العصا الضخمة ومنه: الوابل للمطر العظيم.


{فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا (17) السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا (18)}
{يَوْماً} مفعول به، أي: فكيف تقون أنفسكم يوم القيامة وهو له، إن بقيتم على الكفر. ولم تؤمنوا وتعملوا صالحاً. ويجوز أن يكون ظرفاً، أي: فكيف لكم بالتقوى في يوم القيامة إن كفرتم في الدنيا ويجوز أن ينتصب بكفرتم على تأويل جحدتم، أي فكيف تتقون الله وتخشونه إن جحدتم يوم القيامة والجزاء، أن تقوى الله خوف عقابه {يَجْعَلُ الولدان شِيباً} مثل في الشدة يقال في اليوم الشديد: يوم يشيب نواصي الأطفال والأصل فيه: أنّ الهموم والأحزان إذا تفاقمت على الإنسان أسرع فيه الشيب. قال أبو الطيب:
وَالْهَمُّ يَخْتَرِمُ الْجَسِيمَ نَحَافَةً *** وَيُشِيبُ نَاصِيَةَ الصَّبِيِّ وَيُهْرِمُ
وقد مرّ بي في بعض الكتب أن رجلاً أمسى فاحم الشعر كحنك الغراب. وأصبح وهو أبيض الرأس واللحية كالثغامة، فقال: أريت القيامة والجنة والنار في المنام، ورأيت الناس يقادون في السلاسل إلى النار، فمن هول ذلك أصبحت كما ترون. ويجوز أن يوصف اليوم بالطول. وأنّ الأطفال يبلغون فيه أوان الشيخوخة والشيب {السَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ} وصف لليوم بالشدّة أيضاً. وأنّ السماء على عظمها وإحكامها تنفطر فيه، فما ظنك بغيرها من الخلائق. وقرئ: {منفطر ومتفطر} والمعنى: ذات انفطار. أو على تأويل السماء بالسقف أو على تأويل السماء شيء منفطر والباء في {بِهِ} مثلها في قولك: فطرت العود بالقدوم فانفطر به، يعني: أنها تنفطر بشدة ذلك اليوم وَهَوْله كما ينفطر الشيء بما يفطر به. ويجوز أن يراد السماء مثقلة به إثقالاً يؤدّي إلى انفطارها لعظمه عليها وخشيتها من وقوعه، كقوله: {ثَقُلَتْ فِي السموات والأرض} [الأعراف: 187]، {وَعْدَهُ} من إضافة المصدر إلى المفعول، والضمير لليوم. ويجوز أن يكون مضافاً إلى الفاعل وهو الله عز وعلا، ولم يجر له ذكر لكونه معلوماً.


{إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (19)}
{إِنَّ هذه} الآيات الناطقة بالوعيد الشديد {تَذْكِرَةٌ} موعظة {فَمَن شَآءَ} اتعظ بها. واتخذ سبيلاً إلى الله بالتقوى والخشية. ومعنى اتخاذ السبيل إليه: التقرّب والتوسل بالطاعة.

1 | 2 | 3 | 4